يمكن للقرنيات أن تكون أول تطبيق حقيقي وعملي للطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد

تمت كتابة وترجمة وتدقيق هذا المقال بدعم سخي من شركة (Humabiologics Inc) وبإشراف الدكتور لؤي الزعبي

تقول شركة “بريسايس-بيو” الناشئة أنه بإستطاعتها إستبدال الإعتماد على العيون المتبرع بها وإستبدالها بقرنيات مطبوعة بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد.

إليك مشكلة مستقبلية ربما لم تخطر على بالك: إذا إنتشر إستخدام السيارات ذاتية القيادة بالفعل وإنخفض عدد الوفيات الناجم عن حوادث المرور، فسينخفض كذلك عدد الأعضاء الحيوية المتبرع بها المتاحة للزرع في أجسام المرضى المحتاجين لزراعة أعضاء. في وقتنا الحالي، تأتي حوالي ٢٠ بالمائة من الأعضاء المتبرع بها من أشخاص يموتون في حوادث السيارات.

لحسن الحظ، هناك حل مستقبلي: الأعضاء الحيوية المطبوعة بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد. هذه التقنية لازالت بعيدة عن أن تكون جاهزة للإستخدامات السريرية اليومية في المراكز الطبية، حيث لا يزال الباحثون والباحثات يحاولون معرفة كيفية طباعة هياكل الأنسجة الحيوية بدقة وكيفية إضافة الأوعية الدموية والأعصاب في أماكنها ضمن هذه الأنسجة. ولكن هناك أحد المؤشرات المبكرة لتقدم مهم في هذا المجال، لمعرفة هذا المؤشر، أُنظر إلى العين.

شركة رائدة في الطباعة الحيوية للأنسجة الحية

تعمل شركة بريسايس-بيو، وهي شركة ناشئة مقرها في ولاية كارولينا الشمالية قام بتأسيسها عدد من الأساتذة الجامعيين في معهد وييك فورست الشهير للطب التجديدي (التعويضي)، على طباعة أنسجة حيوية لمجموعة متنوعة من التطبيقات والتحديات الطبية. أعلنت الشركة مؤخرا بأن منتجها الأول سيكون للعين – سيم البدء بصناعة وتقديم قرنية بشرية مناسبة للزرع في الجسم. يقول “أرييه بات” الرئيس التنفيذي لشركة بريسايس-بيو: “نخطط لوضع طابعاتنا الحيوية في بنوك العيون”.

الطابعات الحيوية هي نوع متخصص من الطابعات ثلاثية الأبعاد. بدلاً من وضع طبقات من البلاستيك أو المعدن لبناء هياكل صناعية، تقوم الطابعات الحيوية بوضع طبقات من الخلايا والمواد المتوافقة حيويًا مع جسم الإنسان لبناء الأنسجة والأعضاء الحيوية كالقلب والكبد والعظم وغيرها.

في مقابلة حصرية مع مجلة “سبيكترم” التابعة لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات “أي-تربل-إي” يقول بات إن شركته (بريسايس-بيو) تهدف إلى تحقيق طموحات عالية، وتريد في النهاية إعادة تشكيل وإصلاح نظام زراعة الأعضاء الحيوية بالكامل. يقول بات: “يمكن للأطباء إستخدام الأنسجة الحيوية التي تُطبع بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد دون الحاجة لأخذها من المتبرعين”. يمكن للطابعات الحيوية التابعة للشركة تصنيع الأنسجة الحيوية بكميات تجارية وبمواصفات دقيقة ومتسقة، أو يمكنها طباعة أنسجة حيوية مخصصة لتلبية إحتياجات مريض معين. يقول بات: “ببساطة، إنها عملية تصنيع”. في كلتا الحالتين (طباعة أنسجة بمواصفات متسقة أو أنسجة خاصة بمريض معين)، سيكون إستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد خروجًا عن النظام المروع المعتمد على الحظ في الحصول على متبرع بالأعضاء.

مستقبل الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد في مجالات الرعاية الصحية

تعد الطباعة الحيوية بإستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد مجالًا ساخنًا ونشطا للبحث العلمي والتطوير الهندسي، مع الوعد الكبير في الإستخدام ضمن تطبيقات طبية عديدة مثل طباعة الجلد لضحايا الحروق وطباعة العظام والغضاريف لإصلاح إصابات أو تلف العظام والمفاصل. لكن هذه المشاريع البحثية لم تتحول بعد إلى علاجات سريرية حقيقية للمرضى من البشر.

يقول بات إن طباعة (بناء) القرنيات يمكن أن تكون أول تطبيق حقيقي ورئيسي للطباعة الحيوية، ويرجع ذلك إلى أن القرنيات لديها بنية هيكلية على شكل طبقات فوق بعضها البعض متناسبة مع ما يمكن لتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد عمله. في القرنية البشرية، تتكون كل طبقة من أنواع مختلفة من الخلايا والألياف، والتي يمكن للطابعة ثلالثية الأبعاد وضعها وبنائها بالتسلسل، وهذه الطبقات لا تحتوي على أية أوعية دموية أو أعصاب، مما يسهل المهمة. إضافة إلى ذلك، فإن زراعة هيكل حيوي جديد في العين هو بطبيعته أكثر أمانًا من زراعة هيكل حيوي في أعماق الجسم، حيث يمكن للأطباء التحقق بسهولة من علامات الإلتهاب أو فشل الهيكل الحيوي في العين ويمكنهم إزالة الأنسجة المزروعة إذا بدا أي شيء خاطئ.

“من المؤكد وجود حاجة لمزيد من القرنيات في العالم”، كما يقول “كيفن كوركوران”، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية بنك العيون الأمريكية. في العام ٢٠١٧، تبرع أعضاء جمعية بنك العيون الأمريكية ما يقرب من ٥١ ألف قرنية قابلة للزرع لمرضى في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أرسلوا أكثر من ٢٦ ألف قرنية إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية. على الصعيد الدولي، “هناك قدر هائل من الطلب الذي لم تتم تلبيته”، كما يقول كوركوران، ويضيف: “تشير التقديرات إلى أن ١٠ ملايين شخص يعانون من عمى القرنية على مستوى العالم، ويرجع ذلك أساسًا إلى إفتقارهم إلى الوصول إلى علاج فعال ذو أسعار معقولة.”

تقنية جديدة للطباعة الحيوية ثلالثية الأبعاد

جزء من نهج الملكية الفكرية والتميز لشركة بريسايس-بيو هو الطابعة الحيوية ثلاثية الأبعاد الخاصة بها، والتي تستخدم تقنية تعتمد على نقل ودفع قطرات الحبر الحيوي بإستخدام أشعة الليزر على سطح الهيكل المراد بنائه لطباعة الطبقات المطلوبة طبقة تلو طبقة. تمامًا كما تحتوي طابعة الحبر الموجودة في بيوتنا ومكاتبنا على خراطيش تحتوي على ألوان مختلفة من الأحبار، تحتوي طابعة بريسايس-بيو على خراطيش تحتوي على مواد بيولوجية مختلفة مثل الخلايا وألياف الكولاجين.

يتمثل دور الليزر في تركيز طاقة حرارية على المواد الحيوية الموجودة داخل رأس الطابعة، مما يتسبب في تكوين فقاعات صغيرة ثم فرقعة هذه الفقاعات وبالتالي دفع نفثات صغيرة من الحبر الحيوي إلى هيكل العضو الحيوي المراد طباعته. يقول بات: “إن طاقة الليزر لا يتم تركيزها مباشرة على الخلايا وبالتالي لا تتسبب في تلف الخلايا أو موتها”. يجادل بات بأن أساليب الطباعة الحيوية المنافسة تسبب المزيد من الضرر للخلايا مقارنة مع تقنية بريسايس-بيو: تقنيات البثق الدقيق (مايكرو-إكستروجن) تدمر الخلايا عن طريق الضغط عليها لإجبارها على الخروج من خلال فتحة ضيقة بقوة، بينما يمكن لتقنيات نفث الحبر (إنك-جت) إتلاف الخلايا بسبب الحاجة لتسخينها.

في حين أن الطباعة الحيوية تعتبر عادةً نوعًا من أنواع الطباعة ثلاثية الأبعاد، هنا تحب شركة بريسايس-بيو الإشارة إلى تقنيتها المبتكرة على أنها طباعة رباعية الأبعاد، مع التركيز هنا على دور البعد الرابع في هذه التقنية ألا وهو “الوقت”. بعد أن تصنع الطابعة القطعة المطلوبة من الأنسجة، يتم إدخال هذا النسيج في مفاعل حيوي (بيو-ري-أكتور) للنضوج. المفاعل الحيوي هو بيئة تحاكي بيئة جسم الإنسان من حيث تركيز الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والحرارة ونسب الرطوبة. ببساطة، المفاعل الحيوي هو بيئة حيوية تمكن الخلايا من العيش والتكاثر كأنها داخل جسم الإنسان.

 بالنسبة للقرنيات المطبوعة حيويًا، فوضعها في المفاعل الحيوي يعني قضاء 10 إلى 14 يومًا في وسط دافئ ورطب حيث تترابط الخلايا والألياف المطبوعة معًا. هنا يقول بات (المدير التنفيذي ل شركة بريسايس-بيو): “تتصل الخلايا ببعضها البعض وتشكل نفس الشكل الهيكلي ثلالثي الأبعاد (المورفولوجي) الموجود في الأنسجة البشرية”، ويضيف: “في الواقع، تقوم الخلايا والبروتينات (البيولوجيا) بالعمل المطلوب، ولكن علينا وضعها في البيئة الصحيحة لتحقيق ذلك”.

نجاح مستحق

قامت شركة بريسايس-بيو بالفعل بأول دراساتها للتأكد من سلامة منتجها على الحيوانات، وتعمل الان على إجراء أول تجربة على البشر لقرنياتها المطبوعة. ومع ذلك التقدم، لازال على الشركة الإجابة عن الكثير من الأسئلة حول سلامة منتجها قبل الوصول إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر.

على سبيل المثال، سيتعين على فريق عمل الشركة إثبات أن القرنيات المطبوعة بيولوجيًا ستتصرف مثل القرنيات الطبيعية بمجرد زراعتها في عين الإنسان. في القرنيات البشرية الطبيعية، لا تنقسم الخلايا ولا تتكاثر. ولكن في عملية النضج الحيوي لقرنيات شركة بريسايس-بيو المطبوعة، يتم تحفيز الخلايا على التكاثر. يقول المدير التنفيذي للشركة: “قبل أن يتم وضع القرنيات المطبوعة في العين، يتم وقف هذه العملية”، ويضيف: “لكن هذا شيء علينا إظهاره وإثباته في دراساتنا السريرية، وهذا ما نعمل عليه اليوم”.

فرصة

بسبب خصائص نسيج قرنية العين المكون من طبقات والذي لا يحتوي على أوعية دموية أو أعصاب، هناك فرص كبيرة للمهندسات والمهندسين بشكل عام ولمهندسات ومهندسي الهندسة الطبية الحيوية بشكل خاص للعمل في مجالات تصميم وتطوير طابعات ثلاثية الأبعاد لبناء نسيج وظيفي يحاكي نسيج قرنية العين. هناك أيضا فرص كبيرة وعديدة لإكمال الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في هذا المجال. هناك عدد من الأنسجة الحيوية التي تمتلك خصائص مشابهة لقرنية العين والتي يمكن طباعتها بإستخدام نفس التقنية. المستقبل واعد لهذا المجال.

هل لديك سؤال أو إستفسار عن محتوى هذا المقال؟ لا تتردد في التسجيل في منتديات الموقع وطرح أسئلتك و إستفساراتك. نحب أن نسمع رأيك في محتوى هذا المقال. أيضا لا تتردد في مشاركة المقال مع من تعتقد أنه سيستفيد من محتوى هذا المقال على وسائل التواصل الإجتماعي.

المراجع:

Corneas Could Be the First Mainstream Application of BioPrinting

للحصول على محتوى طبي مشابه

للحصول على محتوى طبي لمدونتك الإلكترونية ذو جودة عالية لا تتردد ب الاتصال معنا أو يمكنك شراء خدماتنا من أي مكان حول العالم من خلال زيارة حسابنا على موقع فايفر!
يمكنك أيضا مراسلتنا على البريد الإلكتروني info@medcontx.com

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه وإضافة إسمك كراعي على المقال لا تتردد ب الاتصال معنا اليوم! دعمك هو دعم للغة العربية ودعم لكتاب شباب ودعم للقراء بمحتوى موثوق وعالي الجودة! تكلفة رعاية المقال المترجم تبدأ ب خمسة دولارات فقط!

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية والإضطلاع على مواد تدريب وتأهيل لتصبح(ي) كاتب(ة) طبي(ة)، بادر(ي) بالتسجيل اليوم في الموقع والمشاركة في وتصفح منتدى “كتابة محتوى طبي باللغة العربية” على الرابط التالي (منتدى ميدكونتكس)