طباعة ثلاثية الأبعاد للعظام مباشرة في الجسم: تقنية جديدة وحبر حيوي جديد!

تمت كتابة وترجمة وتدقيق هذا المقال بدعم سخي من شركة (Humabiologics Inc) وبإشراف الدكتور لؤي الزعبي

إن الطباعة ثلاثية الأبعاد للأنسجة الحية – بما في ذلك أنسجة القرنية والأوعية الدموية والجلد – ليست مهمة سهلة. لكن على الأقل، كل هذه الأنسجة تتميز بأنها حية. على النقيض من ذلك، فالعظام هي مزيج من مكونات حية ومكونات غير عضوية (غير حية) منسوجة مع بعضها في نسيج حيوي عالي التنظيم يمكن الإشارة له بأنه “مصفوفة من حيوية معدنية”. المواد المعدنية في نسيج العظم هي أملاح الكالسيوم والفوسفات. بعبارة أخرى وبسبب ما ذكر أعلاه، تمثل الطباعة الثلاثية الأبعاد للنسيج العظمي تحديًا ضمن تحدي.

ولهذا السبب جرب وإختبر المهندسات والمهندسون الطبيون الحيويون العديد من المواد المختلفة في محاولات لتصنيع الأنسجة العظمية – بما في ذلك الهلاميات المائية (الهيدر-وجل) واللدائن الحرارية (الثيرمو-بلاستيك) والخزف الحيوي (السيراميك الحيوي).

مؤخرا، طور فريق من جامعة نيو ساوث ويلز في مدينة سيدني بأستراليا حبرًا حيويا خزفيًا (سيراميك-إنك) يمكن إستخدامه في الطباعة الثلاثية الأبعاد لنسيج عظمي في درجة حرارة الغرفة ومع وجود خلايا حية وبدون مواد كيميائية قوية ومكلفة – وهو تحسن ملحوظ عن التقنيات التقليدية السابقة والتي تعتمد عادة على الأحبار الحيوية العضوية “البيو-إنك”. يقول الباحثون إنه يمكن إستخدام هذه التقنية الجديدة في الطباعة ثلاثية الأبعاد للعظام مباشرة في جسم المريض.

“على عكس المواد المستخدمة سابقا، توفر تقنيتنا طريقة لطباعة التركيبات/الهياكل الحيوية داخل الجسم الحي تحاكي بشكل كبير بنية وكيمياء نسيج العظام.”، حسب قول المؤلف والباحث المشارك في الدراسة إيمان روحاني، المهندس الحيوي في كلية الكيمياء بجامعة نيو ساوث ويلز. ويضيف روحاني بأن “الفرص لا حدود لها”.  تم وصف العمل في هذا البحث في مجلة “المواد الوظيفية المتقدمة”.

لماذا الطباعة ثلاثية الأبعاد للأنسجة الحيوية؟

الأنسجة العظمية ثلاثية الأبعاد المطبوعة لها تطبيقات طبية وبحثية كثيرة ومتنوعة، مثل: نمذجة ومحاكاة أمراض العظام؛ مراقبة وتتبع عمل الأدوية والعقاقير؛ دراسة البيئة المكروية الفريدة للعظام؛ وربما أبرز هذه التطبيقات هو إصلاح العظام التالفة بسبب حالات الصدمات أو السرطان أو أية أمراض أخرى.

 الإجراء الطبي المعياري المتّبع حاليا لإصلاح العظام هو ما يعرف ب “الترقيع العظمي الذاتي” – أي حصاد العظام من جزء آخر من نفس جسم المريض لإستخدامه وزراعته مكان الجزء العظمي التالف أو المصاب. لسوء الحظ، ترتبط “الطعوم العظمية الذاتية” المستخرجة من نفس جسم المريض بألام كبيرة وبمعدلات عالية من التلوث والإلتهابات في مكان إستخراجها، ولا ينفع هذا الإجراء الطبي إذا كانت الكمية المطلوبة من مادة العظام كبيرة.

مصفوفة بلورية نانوية مسامية تحاكي نسيج العظم

في محاولة لإنشاء مادة عظمية إصطناعية تشبه الطعوم العظمية الذاتية (المستخرجة من نفس المريض) قدر الإمكان، صنع روحاني وعالم الكيمياء الحيوية “كريستوفر كيليان” وزملاؤهم في جامعة نيو ساوث ويلز حبرًا حيويا خزفيا يمكن طباعته ثلاثي الأبعاد في بيئة مائية مثل الجسم البشري. بعد عامين من البحث والتطوير والتجريب، إبتكر فريق البحث مادة متوافقة حيويًا من معدن فوسفات الكالسيوم والتي تتشكل على شكل عجينة (معجون) في درجة حرارة الغرفة. عند وضع هذه العجينة (المعجون) في حوض من الجيلاتين أو محلول آخر، يحدث تفاعل كيميائي يؤدي إلى تصلب العجينة في مصفوفة بلورية نانوية مسامية تشبه بنية نسيج العظام الأصلي.

أي طابعة ثلاثية نستخدم؟

لإنجاز الطباعة بالحبر الجديد، قام فريق البحث بتجهيز طابعة ثلاثية الأبعاد عادية متوفرة لديهم وجاهزة للإستخدام من نوع “هايرل ٣-د إنجن إتش-أر” مجهزة بفوهة تم تطويرها وتخصيصها لإستخدام الحبر السيراميكي الجديد. لفحص التقنية، تم إستخدام إبرة صغيرة بفتحة قطرها أقل من مليمتر واحد تقذف الحبر الجديد في حوض من الجيلاتين على حرارة 37 مئوية. هذه التقنية يمكن تكييفها وإستخدامها مع طابعات ثلاثية الأبعاد أُخرى مثل الطابعات المحمولة باليد والتي يمكن نقلها إلى غرفة العمليات. يقول روحاني: “ستحتاج إلى هندسة وتعديل الطابعة حسب كل تطبيق، لكن مفهوم ومبدأ عمل التقنية سيكونان متشابهين”.

نجاح كبير

في ورقتهم البحثية الأخيرة، بين فريق البحث كيف طبع الفريق هياكل عظمية صغير، يصل حجمها إلى نصف سنتيمتر مكعب، في حوض من الجيلاتين يحتوي على خلايا مُكوّنة للعظام البشرية وأنواع أخرى من الخلايا البشرية خاصة بنسيج العظم. قام الحبر الحيوي السيراميكي المتصلب بإحتواء الخلايا الحية في هيكله، وإلتصقت الخلايا به وتكاثرت لعدة أسابيع بعد الطباعة وأظهرت النتائج المنشورة بأن نسبة 95 ٪ من الخلايا حية وتمارس وظائفها بشكل طبيعي.

يقوم الفريق البحثي حاليًا بتصميم حوض لطباعة عينات وهياكل عظمية أكبر، وقد بدأ الفريق إختباراته على الحيوانات الصغيرة (القوارض) لمعرفة ما إذا كانت الأنسجة المطبوعة قادرة على إصلاح تلف جزء كبير من العظم بشكل فعال مثل الطعوم العظمية الذاتية.

موافقة مؤسسة الغذاء والدواء

بعد ذلك، يأمل روحاني في العمل مع الجراحين وأطباء الأسنان وغيرهم من مقدمي خدمات الرعاية الصحية لإستكشاف تطبيقات صحية وبحثية لـلتقنية والحبر الحيوي الجديدين، ومتابعة طريقها للحصول على الموافقة التنظيمية للإستخدامات السريرية من الجهات الرقابية الحكومية. في الولايات المتحدة، أشارت إدارة مؤسسة الغذاء والدواء بالفعل إلى أن تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لأنسجة العظام مؤهلة للحصول على تصريح من قبلها.

فرصة

بسبب خصائص نسيج العظم الحيوية والميكانيكية، هناك فرص كبيرة للمهندسات والمهندسين بشكل عام ولمهندسات ومهندسي الهندسة الطبية الحيوية بشكل خاص للعمل في مجالات تصميم وتطوير طابعات ثلاثية الأبعاد لبناء نسيج عظمي وظيفي. هناك أيضا فرص كبيرة وعديدة لإكمال رسائل الماجستير والدكتوراه في هذا المجال. الإهتمام في الطباعة ثلاثية الأبعاد للأنسجة الحيوية في تزايد مستمر.

أيضا من المهم وجود طابعات للطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد في المراكز البحثية والمؤسسات الأكاديمية لتدريب الجيل القادم من المهندسات والمهندسين الطبيين الحيويين على تقنيات وأساليب الطباعة الثلاثية الأبعاد للأنسجة الحيوية.

هل لديك سؤال أو إستفسار عن محتوى هذا المقال؟ لا تتردد في التسجيل في منتديات الموقع وطرح أسئلتك و إستفساراتك. نحب أن نسمع رأيك في محتوى هذا المقال. أيضا لا تتردد في مشاركة المقال مع من تعتقد أنه سيستفيد من محتوى هذا المقال على وسائل التواصل الإجتماعي.

المراجع:

3D Printing Bone Directly Into the body

للحصول على محتوى طبي مشابه

للحصول على محتوى طبي لمدونتك الإلكترونية ذو جودة عالية لا تتردد ب الاتصال معنا أو يمكنك شراء خدماتنا من أي مكان حول العالم من خلال زيارة حسابنا على موقع فايفر!
يمكنك أيضا مراسلتنا على البريد الإلكتروني info@medcontx.com

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه وإضافة إسمك كراعي على المقال لا تتردد ب الاتصال معنا اليوم! دعمك هو دعم للغة العربية ودعم لكتاب شباب ودعم للقراء بمحتوى موثوق وعالي الجودة! تكلفة رعاية المقال المترجم تبدأ ب خمسة دولارات فقط!

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية والإضطلاع على مواد تدريب وتأهيل لتصبح(ي) كاتب(ة) طبي(ة)، بادر(ي) بالتسجيل اليوم في الموقع والمشاركة في وتصفح منتدى “كتابة محتوى طبي باللغة العربية” على الرابط التالي (منتدى ميدكونتكس)