الرحم الصناعي لازال خيال علمي لكن المشيمة الصناعية ستكون في متناول اليد قريبا: بدء عصر الحضانة الصناعية للأجنة!

تمت كتابة وترجمة وتدقيق هذا المقال بدعم سخي من المهندسة شذى الحربي وبإشراف الدكتور لؤي الزعبي

الرحم هو مكان أعقد عملية حيوية بشرية: تحول البويضة الملقحة إلى جنين كامل الأعضاء. لكن، هذا التحول المذهل مستحيل بدون المشيمة (العضو الحيوي الواهب للحياة المتصل مع الجنين في رحم أمه من خلال الحبل السري)

حتى قبل أن تعرف المرأة أنها حامل، تتضخم المشيمة داخل الرحم وتستعد لتكون بمثابة كليتي وكبد الجنين حتى يتطور كل من كبد الجنين وكليتيه. تبدأ المشيمة في “التنفس” للجنين في الأسبوع ١٢ من الحمل تقريبًا. تكبر المشيمة وتلتف حول نفسها بما يعادل سطح يكفي لتغطية حصان، على أحد جانبي هذا السطح يمتص دم الجنين الأكسجين من دم الأم الذي يتدفق على الجانب الآخر من السطح، حيث ينتقل الأكسجين من دم الأم بسلاسة إلى قلب الجنين النابض ودماغه وأطرافه، وينتقل ثاني أكسيد الكربون من دم الجنين إلى دم الأم عبر نفس السطح ليتم زفيره في أنفاسها.

إن محاولة محاكاة وخلق كل ما يحدث داخل الرحم لايزال ضرب من ضروب الخيال العلمي. لا يزال هناك الكثير مما لا يعرفه العلماء عن المراحل الأولى من التطور البشري في رحم الأم عند نمو وتطور خلايا الجنين إلى أعضاء وأطراف وأنسجة حيوية كاملة وعاملة. لكن جورج مايشاليسكا يعتقد أن إنشاء نسخة صناعية من المشيمة، أو على الأقل نسخة تحاكي وتكرر وظيفتها الأكثر أهمية أصبح في متناول اليد. كجراح أجنة وأخصائي أطفال في مستشفى سي-إس-موتت للأطفال بجامعة ميشيغان في مدينة آن أربور، فهو يرى بشكل متكرر أطفالا خدج غادروا رحم الأم مبكرًا جدا. على الرغم من أن الطب الحديث يمكن أن ينقذ الكثير منهم، إلا أن فرص البقاء على قيد الحياة للأطفال الخدج الصغار للغاية – أولئك الذين تقل أعمارهم عن ٢٨ أسبوعًا (بين الثلث الثاني والثلث الثالث من الحمل) تظل ضئيلة جدا. حتى وإن تم إنقاذ جزء من هؤلاء الأطفال الخدج الصغار جدا، سيبقى يعاني الكثير منهم من مشاكل صحية طويلة الأمد. والسبب أنه ببساطة، لم يتم تصميم الرئتين للتنفس من تلقاء نفسيهما إلا عندما يقترب الطفل من فترة الولادة الطبيعية، والتي تُعرف حاليًا ب ٣٩ أسبوعًا، يجب التنويه إلا أنه وحتى الأساليب اللطيفة والبطيئة للمساعدة في التنفس بشكل صناعي يمكن أن تتلف أنسجة الرئتين والأوردة والشرايين عند الجنين.

يقول مايشاليسكا: “نحن في مأزق كأطباء أطفال إذا لم نفعل أي شيء فستموت هذه الأجنة، وإذا أردنا إنقاذهم … فقد يبقون على قيد الحياة، ولكن من المحتمل أن يكون لديهم درجات متفاوتة من أمراض الرئة والمضاعفات المزمنة بسبب طرق العلاج المستخدمة حاليا. “

لأكثر من عقد من الزمان، عمل مايشاليسكا على إيجاد حل لهذه المعضلة وهو تصميم وتطوير مشيمة صناعية للحفاظ على صغار الخدج على قيد الحياة حتى يتمكنوا من التنفس بمفردهم. لقد أثبت ذلك بالفعل، لقد تمكن هو وفريقه البحثي من تصميم وتطوير مشيمة صناعية إستطاعت أن تدعم وتبقي الحملان الخدج (أجنة الخراف) على قيد الحياة لعدة أسابيع. إن بناء جهاز تنفس لأطفال الخداج (الأجنة المولودة قبل الوقت المناسب) ليس بالأمر الهين. حجم الطفل الصغير ووظائف الأعضاء الهشة الغير مكتملة يشكلان تحديات طبية وهندسية كبيرة. يعمل فريق مايشاليسكا على تكييف وتطويع وإستخدام التكنولوجيا المتاحة للعمل والتعامل مع أضيق وأصغر الأوعية الدموية والعمل على تطوير مواد متوافقة مع البيولوجيا الفريدة للأجنة. والآن، وبعد العديد من الإختراقات الناجحة الأخيرة، يعتقد مايشاليسكا أن المشيمة الصناعية التي طورها مع فريقه على بعد خمس سنوات فقط من إستخدامها في تجارب بشرية تمهيدا لإستخدامها طبيا في المستشفيات والمراكز الطبية.

نظام مايشاليسكا وفريقه هو واحد من عدة تصميمات قيد التطوير حول العالم تهدف إلى مساعدة الأطفال الخدج الصغيرين جدا على التنفس. يحاكي بعض هذه الأنظمة بيئة الجنين عن طريق غمر الجنين في حوض من السوائل، والذي يقترب من بناء رحم صناعي. تعتمد التصميمات الأخرى على تقنية جديدة تحاول تقليد طريقة تنفس الرئتين.

كلما إقتربت هذه الأنظمة والحلول الطبية من مرحلة التجارب السريرية على البشر، كلما طرحت أيضًا عددًا من الأسئلة الأخلاقية حول المكان الذي تتجه إليه هذه التكنولوجيا الحيوية المتطورة وبشكل أعم إلى أين يتجه مجتمعنا البشري. يشعر بعض علماء الأخلاقيات الحيوية بالقلق من أن معارضي الإجهاض سوف يستغلون الفكرة التكهنية بأن المشيمة الصناعية يمكن أن تحافظ على حياة الأجنة الصغار وحتى الأجنة الأصغر سنا والغير مكتملة النمو. لكن الباحثين والعلماء يركزون اليوم على فائدة هذا النوع من الأنظمة المنقذة للحياة أكثر من إهتمامهم في البحث عن إجابات للأسئلة الأخلاقية.

يقول ديفيد وينبيرغ الذي يرأس مشروع المشيمة البشرية في المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية، في بيثيسدا بولاية ماريلاند: “إن هذه الأنظمة تحمل الكثير من الأمل للأطفال الذين سيولدون قبل الأوان”. مع أنه حذر من أنه يجب عمل مزيد من الاختبارات قبل استخدام هذه التقنيات في الممارسات الطبية اليومية في العيادات والمراكز الطبية، إلا إنه معجب بقدرة الباحثين على التفكير في ومعالجة جميع العمليات اللازمة للحفاظ على بقاء الجنين الصغير (طفل الخداج) على قيد الحياة وقادر على الحياة والتنفس بمفرده ويضيف: “إنه أمر مبهر”.

المرجع:

The Ultimate Incubator: The Brave New World of Bionic Babies

للحصول على محتوى طبي مشابه

للحصول على محتوى طبي لمدونتك الإلكترونية ذو جودة عالية لا تتردد ب الاتصال معنا أو يمكنك شراء خدماتنا من أي مكان حول العالم من خلال زيارة حسابنا على موقع فايفر!
يمكنك أيضا مراسلتنا على البريد الإلكتروني info@medcontx.com

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه وإضافة إسمك كراعي على المقال لا تتردد ب الاتصال معنا اليوم! دعمك هو دعم للغة العربية ودعم لكتاب شباب ودعم للقراء بمحتوى موثوق وعالي الجودة! تكلفة رعاية المقال المترجم تبدأ ب خمسة دولارات فقط!

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية والإضطلاع على مواد تدريب وتأهيل لتصبح(ي) كاتب(ة) طبي(ة)، بادر(ي) بالتسجيل اليوم في الموقع والمشاركة في وتصفح منتدى “كتابة محتوى طبي باللغة العربية” على الرابط التالي (منتدى ميدكونتكس)