هل نشهد قريبا حلا إصطناعياً لتلف الخلايا العصبية!؟ باحثون يزرعون خلايا عصبية على رقاقة نانوية

تمت كتابة وترجمة وتدقيق هذا المقال بدعم سخي من شركة (Humabiologics Inc) وبإشراف الدكتور لؤي الزعبي

يمكن لسقالة من الأسلاك (الخيوط) النانوية متناهية الصغر أن تمثّل دماغاً إصطناعياً أو نسيج عصبي إصطناعي، حيث تنمو الخلايا العصبية على هذه السقالة الخيطية النانوية وتتشكّل الروابط فيما بينها.

إن أي فكرة تجول في ذهن الإنسان هي إشارة كهربائية تنتقل من خلية عصبية لأخرى في الدماغ. لكننا لا نعرف إلا القليل عن هذه العملية أو عن كيفية تشكل الروابط ما بين الخلايا العصبية (خلايا الدماغ). ولكشف الغموض حول تنقل الإشارات والمعلومات عبر شبكات الخلايا العصبية وحول كيفية تشكل الروابط ما بين الخلايا العصبية قام باحثون أستراليون بتصميم سقالة من الأسلاك النانوية على رقاقة مصنوعة من مادة شبه موصلة. للعلم، المتر الواحد يحتوي ألف مليون نانوميتر . تسمح هذه السقالة المبتكرة لخلايا الدماغ بالنمو وتشكيل شبكات عصبية فيما بينها. وقد وصف العلماء مؤخراً هذا الجهاز في مجلة (Nano Letters) .

إن السقالة العصبية المذكورة لا تدنو من مفهوم “دماغ على رقاقة” مما قد يتصوره مستشرفوا المستقبل! ولكنها توفّر سبيلاً للعلماء للتحكم ب وتوجيه نمو الخلايا العصبية ودراسة ترابطها معاً، حسب ما ورد عن فيني غاوتام مهندسة المواد الطبية في الجامعة الوطنية الاسترالية التي قادت الدراسة. إن تشكيل وإعادة تشكيل الدوائر العصبية (شبكات الخلايا العصبية) كان تحدياً قد واجهه العلماء ولازال. فالخلايا العصبية في الدماغ تتواصل بكفاءة منقطعة النظير على عكس ما تسير عليه الأمور عند محاولة زراعتها ودراستها في المختبر، فهناك تميل الخلايا إلى الترابط بشكل عشوائي بسبب معاناتها من القيود التجريبية ما يجعل محاكاة سلوك الشبكات العصبية الطبيعية في المختبر مستحيلاً.

تقول غاوتام: إن فهم كيفية تشكّل الدوائر العصبية في الدماغ يعد من القضايا الأساسية في علم الأعصاب. وتشكل الروابط العصبية هو الأساس لكيفية معالجتنا للمعلومات، وفهمها يعتبر أمراً مهماً جداً لتطوير علاج الإختلالات العقلية و الأمراض العصبية. كما تقول الباحثة.

أرادت غوتام وزملاؤها تشينوباتي جاغادش و فنسنت داريا خلق بيئة يمكنهم فيها التحكم ب و توجيه نمو الخلايا العصبية، بالإضافة إلى السماح لهذه الخلايا بتشكيل إتصالات (تشابكات) منتظمة وطبيعية. ولذلك قام الفريق بصنع سقالة من الأسلاك النانوية من مادة فوسفيد الإنديوم؛ وهي مادة شبه موصلة أشتهر إستخدامها ضمن تطبيقات الإلكترونيات النانوية مثل تصميم مصابيح (LED) والخلايا الشمسية. تقول غوتام: “إنها المرة الأولى التي يتم فيها إستخدام هذه المادة كسطح لنمو للخلايا الدماغية”.

قام الباحثون بترتيب الأسلاك النانوية بنمط شبكي مربع (سقالة) ووضعوا ما يقارب الخمسين خلية عصبية من خلايا أدمغة القوراض على كل سقالة ثم تم وضعها في وسط زراعة (سائل يحتوي غذاء للخلايا بالإضافة لبروتينات خاصة ومضادات حيوية) وتمت مراقبتها وهي تنمو.

بعد أيام قليلة من نمو الخلايا العصبية على السقالة الخيطية النانوية، أنتجت الخلايا العصبية تشعبات تسمى “عصبونات”. في الدماغ تتفرع هذه التراكيب الرفيعة والطويلة من جسم الخلية وترتبط مع الخلايا العصبية الأخرى في نقاط إتصال تسمى “المشابك العصبية”. تبين، على السقالات الخيطية النانوية التي طورتها غاوتام وفريق عملها، تفرع لعصبونات من الخلايا العصبية المزروعة عبر السقالات الخيطية المربعة، والتي يبدو أنها ترتبط بنجاح مع خلايا أخرى من خلال “مشابك عصبية” واضحة.

تقول غاوتام: “إنني أمتلك خبرة كبيرة في مراقبة الخلايا العصبية، و كانت دائما ما تنمو هذه الخلايا بشكل عشوائي. لكن هذه المرة وأثناء مرقبتي من خلال المجهر للخلايا العصبية المزروعة على هذه السقالة ذهلت لرؤية إصطفاف عصبونات الخلايا العصبية بشكل شبكة في خطوط مستقيمة كما يحدث داخل الجسم”. يعدّ هذا الأمر جيداً فهو يعني أنه تم التحكم في نمو العصبونات تبعا لشكل و للتضاريس السطحية للسقالة الخيطية النانوية المبتكرة، ما يثبت قدرة فريق البحث على التحكم بالخلايا العصبية المزروعة ومصيرها ووظيفتها. علاوة على الإصطفاف، فقد تشابكت الخلايا بشكل طبيعي وكان التواصل (إرسال الإشارات الكهربائية) فيما بينها متزامناً كما هو الحال في الدماغ. وبذلك فإن هذه الصفات تجعل من السقالات الخيطية النانوية منصة ووسيلة جيدة لدراسة بيولوجيا الشبكات العصبية.

ننوه هنا بأن الفريق قام بمراقبة نمو الخلايا من خلال إستخدام المجهري الإلكتروني، وتم تقييم التواصل (إرسال الإشارات الكهربائية) بين الخلايا العصبية بإستخدام التصوير الطبي (التصوير الوظيفي بالكالسيوم). كان نمو الخلايا العصبية على السقالات الخيطية النانوية المغلّفة بطبقة رقيقة من مادتي “اللايسين” و “اللامينين” هو الأفضل. من الجدير بالذكر أن  مادتي “اللايسين” و “اللامينين” مواد معروفة في قدرتها على مساعدة الخلايا على الإلتصاق والترابط مع محيطها.

تقوم غاوتام وزملاؤها حاليا بتحسين السقالات الخيطية النانوية للوصول لمحاكاة أفضل للطبيعة (البيئة) الفيزيائية للدماغ، ويقومون بإستخدام سقالاتهم الخيطية النانوية لإستكشاف الآليات المرتبطة بتشكيل الدوائر (الشبكات) العصبية.

تأمل غاوتام أن تتوصل من خلال عملها إلى تطوير نسيج دماغ إصطناعي يمكن إستخدامه لإستعادة الدوائر (الشبكات) العصبية بعد التعرض للإصابة أو المرض.

المراجع

Researchers Grow Brain Cells on a Chip

للحصول على محتوى طبي مشابه

للحصول على محتوى طبي لمدونتك الإلكترونية ذو جودة عالية لا تتردد ب الاتصال معنا أو يمكنك شراء خدماتنا من أي مكان حول العالم من خلال زيارة حسابنا على موقع فايفر!
يمكنك أيضا مراسلتنا على البريد الإلكتروني info@medcontx.com

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه

لدعم كتابة أو ترجمة محتوى مشابه وإضافة إسمك كراعي على المقال لا تتردد ب الاتصال معنا اليوم! دعمك هو دعم للغة العربية ودعم لكتاب شباب ودعم للقراء بمحتوى موثوق وعالي الجودة! تكلفة رعاية المقال المترجم تبدأ ب خمسة دولارات فقط!

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية

لتعلم كتابة محتوى طبي تقني عالي الجودة باللغة العربية والإضطلاع على مواد تدريب وتأهيل لتصبح(ي) كاتب(ة) طبي(ة)، بادر(ي) بالتسجيل اليوم في الموقع والمشاركة في وتصفح منتدى “كتابة محتوى طبي باللغة العربية” على الرابط التالي (منتدى ميدكونتكس)