كيف يمكن للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات إنقاذ الأنظمة الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الفشل في علاج الأمراض المزمنة ومن الإنهيار تحت وطأة التكلفة المهولة

إن إرتفاع تكلفة الرعاية الصحية لمرضى الأمراض المزمنة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يهدد بفشل أنظمة الرعاية الصحية في تقديم خدمات الرعاية الصحية للمرضى وذويهم. ستفشل الأنظمة الصحية في تقديم الخدمات للعدد المهول من مرضى السكري ومرضى إرتفاع ضغط الدم ومرضى القلب والشرايين. أضف إلى ذلك معضلة الإرتفاع في عدد المرضى المحتاجين لغسيل الكلى والمرتبط بمضاعفات الأمراض المذكوره انفا

الوقاية خير من العلاج. هو الحل الأمثل والوحيد لمواجهة هذا الفشل المحتم. في نظري، تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المذكورة أعلاه يشكل مفتاح الحل لإستمرارية وديمومة الأنظمة الصحية ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولكن في جميع دول العالمين النامي والمتقدم

الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق في عصرنا الحالي تعتمد إعتماد كلي على مجالي الهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات. سأقدم في هذا المقال الحل وخريطة طريق مختصرة وسأقدم مجموعة توصيات وسأسرد التحديات التي أراها تعرقل تطبيق الحل في وقتنا الحاضر وأخيرا سأتحدث عن الخطوات المستقبلية اللازمة


كيف يمكن للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات إنقاذ الأنظمة الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الفشل في علاج الأمراض المزمنة ومن الإنهيار تحت وطأة التكلفة المهولة

    يجب تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة من مختلف الفئات العمرية. يتم ذلك من خلال إستخدام البيانات والمعلومات الطبية المتوفرة في مؤسسات الرعاية الصحية أو معلومات المطالبات المالية المتوفرة لدى شركات التأمين الصحي أو بيانات دوائر الإحصاءات العامة. عند تحديد هؤلاء الأشخاص يجب المبادرة بتقديم مجموعة من الإجراءات والتدخلات والخدمات الإجتماعية الوقائية الريادية والإبداعية. تكلفة تحديد هؤلاء الأشخاص وتكلفة الإنخراط في برامج تشخيص إستباقية وبرامج متابعة صحية دورية وبرامج تقديم إستشارات سلوكية وغذائية ورياضية تكاد تكون لا تذكر مقارنة بتكلفة علاج المرضى عند وصول حالاتهم الصحية إلى مستويات حرجة تحتاج إلى مبيت في المستشفيات لفترات زمنية طويلة أو إلى تدخلات علاجية أوجراحية معقدة ومكلفة جدا

مربط الفرس، كما يقال في المثل الشعبي، هو تحديد الأشخاص من مختلف الفئات العمرية الأكثر عرضة لتدهور حالاتهم الصحية والإنضمام إلى مجموعة مرضى الأمراض المزمنة مع مرور الوقت. إذا تم تحديد هؤلاء الأشخاص بدقة تستطيع الدول من توجيه البرامج الوقائية لهذه الفئة من المجتمع وإنقاذ أنظمتها الصحية من الإنهيار الكامل تحت وطأة التكاليف المالية

إستثمرت دول الشرق لأوسط وشمال إفريقيا، كباقي دول العالم، بشكل كبير في تحديث أنظمتها الصحية في مجال الحوسبة. وهي خطوات محمودة ومهمة جدا للإنتقال من الإعتماد على الأنظمة الورقية إلى الأنظمة الرقمية. أدى ذلك الى تراكم كم هائل من المعلومات والبيانات والقراءات الطبية الرقمية في المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات الخارجية والمختبرات الطبية والصيديلات ولدى شركات التأمين. هذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات هو في نظري كنز حقيقي غير مستغل. إما بسبب الإهمال أو بسبب عدم قدرة مقدمي خدمات الرعاية الصحية على إستخراج معلومات مفيدة من هذا الكنز

مؤسسات تقديم خدمات الرعاية الصحية غير مجهزة بأنظمة تخزين بيانات حديثة قادرة على تخزين ومعالجة الكم الهائل من البيانات والمعلومات والقراءات والصور الطبية. أضف إلى ذلك عدم قدرة مقدمي خدمات الرعاية الصحية من أطباء وممرضين وفنيين … الخ على جمع البيانات الرقمية أو لتبويبها أو لتخزينها أو لتحليلها. فهذا ليس مجال إختصاصهم ولا هم تم تأهيلهم للقيام بهذه المهمة. هنا يأتي دور خريجي الهندسة الطبية الحيوية وخريجي مجالات تكنولوجيا المعلومات

في مجال تخزين البيانات والمعلومات والقياسات والصور الطبية الرقمية، يستطيع كل من المختصين في مجال الهندسة الطبية الحيوية والمختصين في مجال تكنولوجيا المعلومات من المساهمة الكبيرة جدا والفعالة في مساعدة مؤسسات الرعاية الصحية والحكومات على حد سواء. المختصين في مجال تكنولوجيا المعلومات المؤهلين التأهيل المناسب هم فقط من يستطيع المساعدة في تطوير حلول إستخدام وسائل التخزين الحديثة للبيانات مثل الغيمة الإلكترونية (الكلاود). لكن يفتقر مختصوا تكنولوجيا المعلومات للمعرفة التقنية الطبية بماهية المعلومات والبيانات الطبية وما هو المفيد منها من غير المفيد. هنا يأتي دور خريجوا تخصص الهندسة الطبية الحيوية المؤهلين والعارفين في ما هية وخصائص الإشارات والبيانات والصور الطبية. فهم القادرين على تحديد البيانات الصحيحة والدقيقة الواجب تخزينها وتحليلها من البيانات الطبية المشوشة والتي تفتقد للقيمة الطبية المفيدة. المتخصصين في مجال الهندسة الطبية الحيوية هم الوحيدون القادرون على مساعدة متخصصي تكنولوجيا المعلومات في تبويب المعلومات والبيانات الطبية المفيدة

في مجال تحليل البيانات والمعلومات الطبية تبرز أهمية الهندسة الطبية الحيوية في أبهى صورها. عادة ما يتخيل الشخص بأن تعدد الفحوصات والنتائج هو ما يساعد الطبيب في الوصول إلى التشخيص الصحيح، ولكن العكس هو الصحيح. هنالك تذمر كبير ومتزايد من الأطباء بأن عليهم مراجعة كم كبير من المعلومات والبيانات والتي غالبا ما تكون مكررة وغير مفيدة. مراجعة هذه البيانات والمعلومات تستهلك الوقت والجهد بدون مردود نافع في عملية التشخيص. تحت ركام هذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات يبحث الأطباء عن تطبيقات وحلول تكنولوجية محوسبة للمساعدة في جمغ البيانات وحصرها ومعالجتها وتبويبها وتحليلها وإستخلاص المفيد منها بشكل موثوق ودقيق وسريع دون الحاجة لمراجعتها شخصيا. بسبب قدراتهم الحسابية والإحصائية والتحليلة، فإن مهندسات ومهندسوا الهندسة الطبية الحيوية هم الوحيدون القادرون على إستخراج المفيد من كومة البيانات الطبية. المختصون في مجالات الهندسة الطبية الحيوية قادرون على تحليل البيانات وقادرون على إستخراج المعلومات المفيدة منها نظرا لقدراتهم العالية في مجالات الرياضيات والإحصاء وتحليل الإشارات والصور الطبية

فيما يختص بموضوع المقال وهو إيجاد حل لمعضلة تكلفة رعاية مرضى الأمراض المزمنة، فإننا سنركز على إيجاد حلول إبداعية لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأحد الأمراض المزمنة من خلال تحليل المعلومات والبيانات والقراءات الطبية الرقمية المتوفرة لدى مؤسسات الرعاية الصحية أو المتوفرة لدى شركات التأمين ضمن المطالبات المالية


 الفرص الذهبية المتاحة للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات في مجال تخزين ومعالجة البيانات والمعلومات الطبية الرقمية

الوقاية خير من العلاج. لكن، كيف نوجه الجهود الوقائية هو مفتاح الحل لإنقاذ الأنظمة الصحية من الفشل. من المستحيل على أي نظام صحي أن يقوم ببرامج وقائية لكل إنسان. يجب توجيه البرامج الوقائية للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة والأشخاص المرشحين للمضاعفات الصحية التي تحتاج لفترات علاج طويلة ومكلفة

أكبر فرصة ذهبية للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات تكمن في تحديد الفئات والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة بطريقة علمية محوسبة. بعد عملية التحديد الدقيقة يصبح من السهل على الأنظمة الصحية وعلى الجهات الحكومية ذات العلاقة توجيه برامجها الوقائية بكفائة وفاعلية وفائدة حقيقة بدلا من ضياع الجهود سدا أدراج الرياح. السؤال الان هو كيف تتم عملية التحديد العلمية والمحوسبة هذه؟ ومن هم الأشخاص ذوي المهارات اللازمة للقيام بهذه العملية؟ وما هي المهارات المطلوبة أصلا؟ وما هي المعطيات المطلوبة للقيام بعملية تحديد دقيقة؟ وما هي المدة الزمنيةاللازمة لعملية التحديد؟ وكم تكلفة هذه العملية على النظام الصحي لأي دولة كانت؟

تتم عملية تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للأمراض المزمنة ومضاعفاتها الصحية عن طريق دراسة وتحليل البيانات والمعلومات الطبية. جميع دول العالم بلا إستثناء تقوم بشكل أو باخر على حوسبة أنظمتها الصحية إبتداءا من إستخدام حلول وتطبيقات أرشفة البيانات والصور الطبية رقميا إلى إستخدام حلول وتطبيقات الذكاء الصناعي في عمليات التشخيص الطبي. للأسف، هذا الكم المهول من المعلومات والبيانات والصور الطبية الرقمية يتم تخزينه عادة بشكل عشوائي. بعد عملية التخزين الرقمي لا تتم مراجعة هذه البيانات ولا تبويبها ولا دراستها أو تحليلها. يمكن إستخراج بيانات ومعطيات كثيرة جدا ومفيدة لعملية التحديد المذكورة أعلاه لو تم إستغلال هذا المصدر المهم من المعلومات بالطريقة العلمية الصحيحة. يمكن من هذ البيانات الغير مستغلة إستخراج المعطيات المفيدة في عملية تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة بإستخدام المبادئ العلمية الرياضية والإحصائية

يمكن للقارئ هنا أن يستنتج بأن الأشخاص القادرين على تحليل البيانات والمعلومات الطبية هم من يمتلكون قدرات حسابية وإحصائية. لكن هذا لايكفي. يجب عليهم أيضا أن يكونوا على معرفة بماهية البيانات والإشارات الطبية وماهية الصور الطبية وماهية الأجهزة التي تقوم بقياس وتسجيل هذه البيانات والصور. يجب على هؤلاء الأشخاص معرفة كيفية التميز بين الإشارات الطبية النقية والمشوشة مثلا. إذا كان هؤلاء الأشخاص من المختصين في علوم الرياضيات والإحصاء فقط فإنهم سيقومون بتحليل البيانات والإشارات والصور الطبية بدون معرفة كيفية الحصول عليها ولا معناها الطبي ولا حتى إن كانت بيانات مفيدة أم مجرد ضوضاء لا طائل منها. وهذا يؤدي إلى ضياع للوقت والجهد. الأشخاص الذين يملكون المعرفة الأساسية في المبادئ الرياضية والإحصائية إضافة إلى دراستهم للإشارات والصور الطبية هم مهندسات ومهندسوا الهندسة الطبية الحيوية


الفرص الذهبية المتاحة للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات في مجال تحليل المعلومات والبيانات الطبية الرقمية 

الذكاء الصناعي أصبح واقعا. يمكن إستخدام الصور الطبية الرقمية بمختلف أنواعها والبيانات الطبية من تخطيطات القلب والأعصاب لتدريب خوارزميات وبرامج حاسوبية. بعد ذلك يمكن إستخدام هذه الخوارزميات والبرامج الحاسوبية كوسيلة مساعدة لمقدمي خدمات الرعاية الصحية في تشخيص الأمراض والحالات الطبية. يستطيع مهندسي ومهندسات الهندسة الطبية الحيوية القيام بذلك. يمكن للمهندسات والمهندسين بناء خوارزميات وبرامج حاسوبية وتسجيل براءات إختراع لها. يجب تدريب المهندسات والمهندسين على ذلك في الجامعات وفي حاضنات الأعمال. لا تتردد/ي في المشاركة في منتديات الموقع لمعرفة المزيد عن هذه الفرصة.


الفرص الذهبية المتاحة للهندسة الطبية الحيوية وتكنولوجيا المعلومات في مجالات الإجراءات والخدمات الإجتماعية الوقائية الإستباقية


خطة الطريق المقترحة


التحديات التي تواجه تطبيق خطة العمل وطرق تخطيها


الأهداف المستقبلية


قائمة بالشركات العالمية ذات الرؤية المشابهة


المراجع


كتاب المقال

 الدكتور لؤي أحمد الزعبي

إفصاحات خاصة بالمقال

لم يتلقى موقع ميدكونتيكس أية مبالغ مالية أو تعويضية لقاء كتابة هذا المقال من أي جهة، لذا إذا أعجبك محتوى المقال نرجو منك عمل أي أو كل من التالي دعما للموقع ولإستمرارية إنتاج محتوى طبي عالي الجودة باللغة العربية لقراءنا ومتابعينا الكرام:

  • نشر المقال على حسابات التواصل الإجتماعي الخاصة بك
  • النقر على وتصفح إعلانات جوجل المنشورة في أسفل الصفحة
  • التبرع لحساب الموقع وذلك عبر التواصل مع إدارة الموقع على البريد الإلكتروني التالي info@medcontx.com

لقراءة المزيد عن الخدمات الطبية الحديثة التي تقدمها مراكز تقديم الخدمات الطبية المحلية والعالمية لا تتردد في قراءة جريدتنا الدورية الإلكترونية

للحصول على محتوى طبي عالي الجودة مشابه لهذا المقال لك ولأعمالك قم بالتسجيل معنا باليوم بإحدى العضويات

للمعلومات والإستفسار لا تتردد بالإتصال معنا اليوم