لم تعد درجة حرارة جسمك الآن معلومة خاصة بك. هذا هو الموقف الذي بدات الشركات في تبنيه في جميع أنحاء العالم أثناء تركيبها كاميرات مسح حراري. غالبًا ما تكون هذه الكاميرات مزودة ايضا بتقنية التعرف على الوجه. تقوم الشركات بتنصيب هذه التقنيات في مبانيها في محاولة لاكتشاف والتعامل مع جائحة كورونا الناتجة عن تفشي فيروس COVID-19.
الآن في المطارات ومباني المكاتب ومطاعم الوجبات السريعة والمكاتب الحكومية والمستشفيات ومراكز التسوق والجامعات – أصبحت جميع هذه الأماكن تعتمد تطبيق تكنولوجيات وحلول التأقلم مع ومواجهة إنتشار الفيروس بشكل سريع وملح. ما تسعى إليه الشركات هو ميكنة قياس درجة حرارة الأشخاص آلياً.
هدف الشركات والمؤسسات هو اكتشاف ومن ثم إبعاد أي شخص يدخل مبنى الشركة أو المؤسسة إذا كان مصاب بالحمى. هذا يقلل نظريا من إنتشار فيروس كورونا ويضفي بعض من راحة البال على الأشخاص المتواجدين أو العاملين في مبنى الشركة أو المؤسسة. أو على الأقل، يوفر نوع من الحماية القانونية للشركات والمؤسسات، حيث أن هذه التقنيات تثبت أن الشركات والمؤسسات قد إتخذت تدابير وقائية لحماية موظفيها والزوار من الاصابة بفيروس كورونا.
تحدد الكاميرات الحرارية وتقيس درجة حرارة الجسم عن طريق إستخدام الأشعة تحت الحمراء. في العادة تستهدف الكاميرات المناطق الرئيسية على الوجه للحصول على أقرب مؤشر لدرجة حرارة الجسم. تشير درجة الحرارة التي تزيد عن 100.4 درجة فهرنهايت (38 درجة مئوية) إلى أن الشخص مصاب الحمى – وهي أحد الأعراض الرئيسية للإصابة بفيروس كورونا أو COVID-19.
تقوم العديد من الشركات بإقران الكاميرات الحرارية مع برنامج حاسوبي خاص بالتعرف على الوجوه وتحديد بيانات الموظفين. يقوم الموظفون بتسجيل الحضور الى العمل من خلال الوقوف أمام الكاميرا، والتي بدورها تحددهم هوياتهم وفي نفس الوقت تقوم بإجراء مسح حراري لتحديد درجة حرارتهم. يستغرق الأمر بضع ثوانٍ فقط، بدون أي لمس أو اتصال مباشر مع الكاميرات أو الأجهزة المستخدمة.
تُستخدم هذه التكنولوجيا بالفعل على نطاق واسع في كل من الصين وكوريا الجنوبية، ولكن بدأت دول أخرى حول العالم في تبنيها أيضًا. شركة PopID هي واحدة من العديد من الشركات المطورة والمقدمة لهذا النوع من التقنيات. قبل تفشي وباء كورونا، كانت الشركة والتي تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقراً لها قد باعت أنظمة التعرف على الوجه لتحل محل بطاقات الهوية والأشرطة الممغنطة كطرق لتسجيل الحضور والدخول إلى المباني والمرافق داخل الشركات والمؤسسات. بعد تفشي وباء فيروس كورونا المستجد – كوفيد ١٩، أضافت الشركة خيار الكاميرا الحرارية إلى نظامها، حيث قامت الشركة بتطوير نظامها الثنائي على شكل كشك (حجرة صغيرة)، حيث يمكن للموظفين إنجاز عمليتي تسجيل الدخول وفحص درجة الحرارة قبل بدء عملهم.
وكما يقول Yale Goldberg ، رئيس الموظفين في PopID : لقد باعت PopID حوالي 600 جهاز من هذه الأجهزة ثنائية الوظيفة (التسجيل وتحديد حرارة الجسم) في الولايات المتحدة للمؤسسات الكبيرة، ومباني المكاتب، ومرافق التصنيع، ومطاعم الوجبات السريعة، بما في ذلك بعض مواقع Subway و Taco Bell ، كما أوضح Goldberg أنه يوجد “هناك شعور بالإلحاح الآن”. “ترغب الشركات في العودة إلى العمل بسرعة وفي نفس الوقت التأكد من و الحفاظ على سلامة موظفيها وزوارها.”
يعتمد برنامج PopID على خوارزميات لتحديد الوجه والعثور على مناطق الوجه الصحيحة لقياس درجة الحرارة. تشير الأبحاث إلى أن درجة الحرارة في الزاوية الداخلية للعين هي أفضل مؤشر لدرجة حرارة الجسم. هذا هو المكان الذي يحدده و يقيس فيه جهازPopID درجة الحرارة، إلى جانب منتصف الجبهة. يقول Goldberg إن البرنامج دقيق في حدود نصف درجة فهرنهايت. من الشركات الأخرى التي تقدم أنظمة المزدوجة الخاصة بالتعرف على الوجه وقياس درجة حرارة الجسم تشمل LamasaTech و Remark Holdings و Meridian .
شركة Kogniz والتي تتخذ مقرها في ولاية كاليفورنيا الأمريكية أخذت هذا المفهوم المزدوج خطوة إلى الأمام، حيث قامت بتطوير وتصنيع نظامًا يراقب بإستمرار عددًا غير محدود من الأشخاص في نفس الوقت من على بعد حوالي 6 إلى 16 قدمًا (2 إلى 5 أمتار). يقول Daniel Putterman، المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لشركة Kogniz : إن الشركة طبقت تقنيات حديثة ومعقدة لتطوير اكتشاف الأشخاص ورسم خرائط حرارية للوجوه والتعرف على السمات المميزة للوجه والتعرف على الأشياء مثل الأقنعة وأغطية الرأس. كما تصحح خوارزميات الذكاء الاصطناعي المستخدمة التأثيرات البيئية على درجة حرارة الجلد – مثل دخول شخص ما في يوم بارد، على حد قوله.
يقول Putterman، إن جهاز Kogniz دقيق جداً ويعمل في نطاق حدود خطأ بين 0.1 إلى 0.3 درجة فهرنهايت. ساعد الذكاء الاصطناعي على تقليل هوامش الخطأ في قراءات درجة الحرارة عن طريق حساب درجة حرارة جميع الأشخاص المتواجدين في غرفة واحدة لإنشاء حدود الأساس لدرجة الحرارة للأشخاص المتواجدين في تلك الغرفة، بالإضافى إلى أخذ القراءات من أجزاء مختلفة من وجوه الأشخاص. يمكن تثبيت هذا النظام في مئات المواقع، بما في ذلك مرافق تجهيز الأغذية، والمصانع، والمستودعات، ومراكز التوزيع، والمستشفيات، ومباني المكاتب، وأماكن الفعاليات الكبيرة، حسب قول Putterman.
كما توفر شركةAltoros، التي مقرها الرئيسي أيضا في ولاية كالفورنيا الأمريكية والتي لها مكاتب في أوروبا والأرجنتين نظامًا يقوم بفحص مجموعات كبيرة من الأشخاص في وقت واحد لإكتشاف الأشخاص المصابين بالحمى ودرجات الحرارة المرتفعة، وفي نفس الوقت التعرف على الوجه. من سمات هذا النظام وضع الكاميرات عالياً بالقرب من السقف. يمكن لهذا النظام فحص ما يصل إلى 30 شخصًا في المرة الواحدة من مسافة تصل إلى 3 أمتار.
تقنيات الذكاء الصناعي التي تقدمها شركة Altoros يمكن لها تمييز وجوه الأشخاص عن الأشياء الدافئة الأخرى مثل أكواب القهوة. يعتمد النظام على تقنيات الذكاء الإصطناعي للعثور على البقع المناسبة على الوجه لقراءة وقياس درجة الحرارة بدقة 95 بالمائة حسب بيانات الشركة. يقول Andrei Yurkevich رئيس وكبير مسؤولي التكنولوجيا في Altoros: يمكن للنظام تحديد الأشخاص الذين يرتدون الأقنعة. كما أوضح بأن قراءات درجة الحرارة بواسطة نظام الشركة المطور تصل دقتها في حدود 0.6 درجة فهرنهايت.
يقول Yurkevich إن العملاء الذين يستخدمون تقنية Altoros هم الفنادق والمكاتب ومرافق التصنيع وخطوط الرحلات البحرية والمدارس، وقد حققت الشركة مبيعات في جميع أنحاء العالم. “نحن نضع هذا كتطبيق للسلامة والأمن،” يقول Yurkevich. ترى العديد من الشركات هذه التقنية كنوع من الحماية القانونية لها. يقول Yurkevich: “إذا مرض أحد الأشخاص وإتخذ إجراءً قانونيًا ضد الشركة بالتسبب بالمرض أو الوفاة، يمكن للشركات والمؤسسات من خلال إستخدام هذه الأنظمة المزدوجة أن تثبت بأنها قد بذلت قصارى جهدها لحماية الناس”.
ولكن تجدر الإشارة بأنه من خلال ربط عمليات فحص درجة الحرارة ببرنامج التعرف على الوجه، فإنه بإمكان مديري المباني إلتقاط وجمع وتخزين ونشر معلومات طبية عن أشخاص معينين. ما يفعلونه بهذه المعلومات هو شأنهم الخاص وحسب تقديرهم تماما. يقول Yurkevich: “إنه خارج عن سيطرتنا كشركات مطورة “.
أثارت هذه الحيثية مخاوف الكثير من الناس، بما في ذلك علماء الأخلاق وجماعات ومؤسسات الحريات المدنية. على سبيل المثال، قال مسؤولون حكوميون في هاواي في 10 يونيو إن الولاية ستطبق أنظمة التعرف على الوجه وفحص درجة الحرارة في مطارات الولاية. وردًا على ذلك، رد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) في هاواي في خطاب رسمي إلى المسؤولين الحكوميين، واصفًا الإجراءات بأنها “غير فعالة، وغير ضرورية، قد يتم إساءة استخدامها، بالإضافة انها مكلفة، وربما غير دستورية، ومُقلقة.”
تحتوي الكاميرات الحرارية أيضًا على قيود إستخدام تتعلق بدقة القراءات بسبب تداخل عوامل أخرى مثل درجة حرارة البيئة ورطوبة الجلد وارتداء النظارات وعوامل بيئية أخرى. الجزء الداخلي للعين مكان جيد جدا لقياس درجة حرارة الجسم لكنه هدف صغير، وتغيير زاوية الوجه يمكن أن تؤثر على قراءة درجة الحرارة. ذكر دليل إرشادي صدر عام 2014 من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) أن كاميرات الماسح الحراري ليست دقيقة مثل ترمومترات قياس الحرارة المحمولة باليد، وقد يكون إستخدامها أكثر صعوبة.
مؤخرا، مهدت الوكالات الفيدرالية الأمريكية التي كانت تشرف عادةً على مثل هذه الأمور الطريق لإستخدام هذه الأجهزة في محاولة للتعجيل بمكافحة إنتشار فيروس كورونا في المجتمعات. قالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ، التي تشرف على إعتماد إستخدام الأجهزة والمعدات الطبية والتشخيصية إنها ستسمح مؤقتًا للشركات بتسويق الكاميرات الحرارية التي لم يتم فحصها بشكل شامل من قبل المؤسسة. تقول المبادئ التوجيهية التي أصدرتها مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية بأنه يجب إستخدام طريقة فحص ثانية أكثر موثوقية، مثل مقياس درجة الحرارة السريري، للتحقق من النتائج. لكن المبادئ التوجيهية ليست ملزمة قانونا.
وعلى الرغم من أن القانون الفيدرالي يمنع الشركات من إجبار العمال على الخضوع لفحوصات طبية (والتي تشمل فحص درجات الحرارة)، قامت لجنة تكافؤ فرص العمل الأمريكية في مارس بتعديل قواعدها، مما سمح لأصحاب العمل بأخذ قياس لدرجات حرارة العمال في أي وقت لمكافحة إنتشار فيروس كورونا المستجد – كوفيد ١٩.
تشعر بعض الجمعيات الحقوقية بالقلق من أن البنية التحتية للمراقبة التي تم إنشاؤها لمكافحة وباء كوفيد ١٩ قد تصبح دائمة وشاملة. قد ينتهي الأمر بإستخدام الأجهزة ليس فقط للموظفين الذين إختاروا هذه الأنظمة، ولكن أيضًا في الأماكن العامة. في مثل هذه الحالات سيكون من الصعب حماية هذه البيانات من سوء الإستخدام، حسب قول نشطاء هذه الجمعيات الحقوقية.
نشرت مؤسسة Electronic Frontier Foundation مؤخرًا في شهر أبريل بيانًا حول هذه المسألة، حيث قالت: “إنفاق الأموال للحصول على البنية التحتية لما يسمى بكاميرات (الكشف الحراري عن الحمى) يزيد من إحتمالية إستمرار إستخدام هذه الأجهزة والتقنيات لفترات طويلة تتجاوز الأزمة الصحية العامة حاليا. يمكن لكاميرات المراقبة في الأماكن العامة أن تحد من حرية التعبير والحركة و يمكن لها أن تحد من نشاط الجمعيات. ويمكن لها المساعدة في المضايقة المستهدفة لأشخاص بعينهم ومساعدة القوة الشرطية المفرطة ضد المواطنين الضعفاء. تفتح هذه الأجهزة والمعدات الباب لمواجهة قانونية في وقت تحاول فيه المدن والدول حظر تقنيات التعرف على الوجوه ضمن حدودها “.
من جهة أخرى، ربما كانت الحجة الأكثر إقناعًا ضد إستخدام الكاميرات الحرارية هي أنها قد تكون غير فعالة كما هو مطلوب. البحث عن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد عن طريق تتبع الإصابة بالحمى يحدد فقط مجموعة من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا أو COVID-19 اللذين يظهرون أعراضا. لن تستطيع هذه التقنية إكتشاف الأشخاص الذين هم بدون أعراض (المصابين بالفيروس ولكن ليس لديهم أعراض)، ولن تستطيع تحديد الأشخاص الذين الذين أصيبوا مؤخرًا بـCOVID-19 لكنهم لم تظهر عليهم أعراض المرض بعد. من الجدير بالذكر بأن العلماء في المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض قد أثاروا مؤخرًا أسئلة حول تلك التكنولوجيا، قائلين إن فحص الحمى في المطارات هو طريقة غير فعالة لمكافحة COVID-19.
تقول الشركات التي تقوم بتطوير وتسويق تكنولوجيا الكاميرات الحرارية إنها توفر أداة يمكن إستخدامها مع إجراءات أخرى للمساعدة في تقليل والحد من سرعة تفشي فيروس COVID-19. يقول Goldberg من شركة PopID: “نحن نقوم بعملية قياس درجات الحرارة آليا”. “وهو ليس الحل الوحيد لتجاوز هذا الوباء، ولكننا نعتقد أنها خطوة رائعة في الإتجاه الصحيح.”
لم يتلقى موقع ميدكونتيكس أية مبالغ مالية أو تعويضية لقاء كتابة هذا المقال من أي جهة، لذا إذا أعجبك محتوى المقال نرجو منك عمل أي أو كل من التالي دعما للموقع ولإستمرارية إنتاج محتوى طبي عالي الجودة باللغة العربية لقراءنا ومتابعينا الكرام:
لقراءة المزيد عن الخدمات الطبية والأجهزة الطبية الحديثة التي تقدمها مراكز تقديم الخدمات الطبية والشركات المحلية والعالمية لا تتردد في قراءة ما تحويه مدونتنا من مقالات
للحصول على محتوى طبي عالي الجودة مشابه لهذا المقال لك ولأعمالك قم بالتسجيل في الموقع، للمعلومات والإستفسار لا تتردد بالإتصال معنا اليوم
info@medcontx.com
الكاتب: الدكتور لؤي الزعبي نحن نقدم لكم محتوى طبي موثوق ومتخصص MedContx.com هي مدونة طبية…
الكاتب الدكتور لؤي الزعبي معظم الأشخاص على علم بأن نظم المعلومات في المستشفيات والمؤسسات الصحية…
الكاتب الدكتور لؤي الزعبي دور نظم المعلومات في تحسين جودة الرعاية الصحية ما هو دور…
الكاتب الدكتور لؤي الزعبي نظم المعلومات الإدارية هي النظم الرئيسية التي تستخدم لإدارة المستشفيات والعيادات.…
جلسات الار اف (او التداخل الراديوي) هي علاج طبي يستخدم لمعالجة الاضطرابات النفسية والحالات النفسية…
الكاتب: الدكتور لؤي الزعبي الجودة في المستشفيات هي بمثابة المحددات التي تقود المستشفيات إلى تحقيق…